*/

الرئيسية > أخبار المغرب

يوصا: الديمقراطيات الزائفة تحولت إلى معرقل لتقدم المجتمعات

  • الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 10:10

هذا جزء من حوار مطول أجرته مجلة “دفاتر إسبانوأمريكية” مع الروائي البيروفي، ماريو فارغاس يوصا، الحائز على جائزة نوبل للآداب سنة 2010.
يوصا يرى أن الديكتاتوريات وأشباه الديمقراطية تحولت اليوم إلى أكثر مهدد للمجتمعات المتقدمة والعالم الثالث، مبرزان الثقافة تلعب دورا كبيرا في تكوين الشعوب وتثقيفها، وتجنب التلاعب بها. كما حذر من هيمنة الفرجة والاستعراض على الثقافة.
هذه التغييرات في المظاهر الأدبية، في دوافع أو نوايا الكتاب، قد تكون ذات صلة ببعض الأفكار التي أوردتها في كتابك ما قبل الأخير “حضارة الفرجة”، حيث تحذر من خطر انحطاط الثقافة.
هذه حقيقة واضحة: الثقافة تتغير كثيرا. إننا نعيش في عصر يعرف تحولات غير عادية تماما، والثقافة، أيضا، يحدث فيها تغيير كبير، رغم أن هذا التغيير ليس محفزا. الثقافة تتحول على نحو متزايد إلى فرجة أو استعراض، شكل من أشكال الترفيه أو المتعة. وهذا ليس الغرض الأصلي التقليدي للثقافة. الثقافة مسلية جدا وممتعة جدا، بطبيعة الحال، ولكن وظيفتها الأصلية ليست الترفيه أو التسلية. هيمنة الفرجة اليوم، خاصة في بعض المجالات، مثل الفنون التشكيلية، تفسر عملية التمييع والتسطيح اللتين تتعرض لهما الثقافة. أعتقد، باختصار، أن الثقافة أصبحت أقل أهمية من وجهة نظر الأفكار والقيم. الأمر تحول إلى مشكل خطير في عصرنا هذا، بل أكثر من ذلك، أعتقد أن هذه الظاهرة تحدث في البلدان المتقدمة ودول العالم الثالث على حد السواء.
هل يمكن بناء مجتمعات مختلفة جدا، بالمعني الإيجابي، بدون تكوين ثقافي وأدبي ملائم؟
بدون شك، الثقافة هي العامل الأساسي في بناء الفرد، فضلا عن المجتمعات التي يعيشون فيها. بالضبط، أعتقد أن الأدب هو عنصر يعبر عن عدم الرضا (التوافق) مع الواقع، وهو أمر ضروري لكي يكون هناك تقدم، وتطور، وإصلاحات. الثقافة هي السبيل الوحيد من أجل بناء مواطنين مستقلين، أحرار، ويتمتعون بروح نقدية. مواطنون يعون أن الحرية قيمة أساسية. هذا ليس واضحا جدا، ولكنني مقتنع بأن مجتمع القراء المختصين/ الأكفاء، قراء الأدب الجيد، يكون من الصعب التلاعب به أو التأثير فيه، كما أنه يناهض بشكل أفضل الديكتاتوريات أو الديمقراطيات الزائفة التي تحولت اليوم إلى أكبر مشكل يواجه المجتمعات.
ما لا شك فيه أن المظاهر الثقافية، وكذلك القراءة والكتابة، تشهد تغيرا ملحوظا.
في الوقت الراهن، الشيء المهم هو أن يبقى الأدب على قيد الحياة، وألا يختفي، أو ألا يفقد جوهره ويتحول إلى شيء آخر (؟). وعلى أية حال، فمن الأرجح أن يكون المستقبل مختلفا جدا عن الحاضر، حيث يمكن أن يختفي الأدب أو يتحول إلى شيء جديد قد يسمى أو لا أدبا. حسنا، إذا كنت تكتب فقط للشاشات، في النهاية فهذه المنابر سوف تنتج لنا أدبا لا علاقة له بما يكتب في عصرنا هذا، والذي يمكن وصفه بالعصر الحدودي (أي الانتقال من مرحلة إلى أخرى).
هل يمكن استبدال تجربة القراءة بممارسة ثقافية أخرى؟
لا أعتقد. أعشق كثيرا الشاشات، وأستمتع بها عند مشاهدة الأفلام أو سلسلة، ولكن ليست هناك تجربة عميقة قادرة على ترك بصمتها ووقع عليَّ مثل الأدب.. الأدب يجعل كل المعارف التي تحملها تشتغل، وتستدعي كل ما هو عقلاني فيك أيضا.. هذا الأخير الذي تحدثت عنه لا يحدث أمام الشاشة. الشاشة تبللك، حيث تتخذ موقفا أكثر سلبية بكثير مما يحدث أمام كِتاب. أمام الكِتاب يتوجب عليك القيام بجهد فكري لفهم ما يحدث.
هل من الضروري عدم الرضا من أجل الكتابة؟
هذا لا ريب فيه. لا يتعلق الأمر بالكتابة فقط، بل حتى القراءة نابعة من الاستياء وعدم الرضا. وراء القراءة والحاجة إلى البحث عن شيء ما في الخيال، أنت تعبر عن عدم رضاك عن العالم وواقع الحياة كله. لهذا تحتاج إلى الأدب لكي تعيش حياة أخرى ولو عن طريق التوهم. بالنسبة للكتاب فأسباب التمرد متعددة، أسباب سخية، أنانية أو الإيثارة، ولكن دون هذا الاستياء وعدم الرضا، فإن الخيال بالكاد يعني أي شيء. على أي حال، كُتّاب أم لا، ليس هناك الكثير من الناس الذين هم على رضا تام مع الحياة. وهذا هو السبب في وجود الخيال والأدب، الذي ينطوي، من ناحية أخرى، على التزام عميق جدا. الأدب ليس نشاطا يتطلب ساعات معينة فقط، بل تفان كامل. يقول الكاتب العالمي فلوبرت إن الكتابة هي طريقة عيش، والحقيقة هي أنه إذا درسنا حياة أهم الكتاب، نجد أن هناك ارتباطا مطلقا مع الشغف الكلي بالأدب، وإلا فإنه من غير الممكن كتابة عمل عميق وغني.
بعد هذا المسار الطويل في عالم الأدب والمعرفة، هل تشعر بالامتنان نحو الكتابة والقراءة.
كِتاب جيد لا يزال بالنسبة إلي مصدر متعة فائقة. الأدب يساعدني في البقاء على قيد الحياة والتشبث بالآمال، والعيش بشكل خلاق، وليس بشكل سلبي.
عن مجلة “دفاتر إسبانية أمريكية”

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...