قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة
عبد العالي حامي الدين
بشكل طارئ انعقد اجتماع للجنتي الخارجية والدفاع الوطني بمجلسي البرلمان يوم الأحد الماضي، وهو يوم عطلة، مما يعكس حساسية الظروف التي تمر بها القضية الوطنية، وذلك بحضور كل من وزير الخارجية، ووزير الداخلية..
رواية وزارة الداخلية ووزارة الخارجية تؤكد أن هناك محاولات لتغيير المعطيات الميدانية، بفرض حقائق الوجود الانفصالي داخل المنطقة العازلة، التي هي في الأصل أراضي مغربية سلمها المغرب للأمم المتحدة لتشرف على احترام اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991، غير أن المتحدث باسم الأمم المتحدة “ستيفان دوجاريك” خرج بعد أقل من 24 ساعة على الاجتماع الطارئ بالبرلمان ليقول بأن بعثة الأمم المتحدة في الصحراء “المنورسو” لم تلحظ أي تحركات عسكرية في المنطقة شمال الصحراء، وأن بعثة المينورسو مستمرة في مراقبة الوضع عن كثب”..!! وهو ما يتطلب توضيحات إضافية لإجلاء الغموض حول هذه النقطة.
طبعا، ليست المرة الأولى التي تقوم بها عناصر جبهة “البوليساريو” بتحركات استفزازية، وصلت إلى درجة القيام بمناورات عسكرية في المنطقة العازلة خلال شهر دجنبر من سنة 2017، استعملت فيها الدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والمدافع الرشاشة خلال شهر دجنبر من سنة 2017، دون أن يؤدي ذلك إلى عقد اجتماعات طارئة داخل البرلمان؟!
لفهم الحالة الراهنة هناك سيناريوهان، الأول أن التحركات الأخيرة هي جزء من الخطة التي وضعها الانفصاليون لتحقيق ما يسمونه بـ”إعمار المنطقة العازلة”، ونقل سكان مدنيين إليها، مع ما يتطلب ذلك من مؤسسات ومرافق تابعة للجبهة، وهو ما يعني أن المغرب سيكون في مواجهة “دولة” قائمة بحكم الأمر الواقع..
أما السيناريو الثاني، وهو الأسوأ، وهو أننا أمام معطيات جديدة في الموقف الأممي تشكل خطورة على الموقف المغربي، وهو ما يفسر ردود الفعل الأخيرة!!
من المؤكد أن خصوم الوحدة الترابية يحاولون إرجاع مسلسل التسوية إلى نقطة الصفر، وأن هناك محاولات لجر المغرب إلى مفاوضات مباشرة مع الجبهة الانفصالية بدون قيد أو شروط مسبقة، مع المحاولات الجارية لإقحام الاتحاد الإفريقي في مسار التسوية، وتوظيف الشراكة التي تريد الأمم المتحدة إقامتها مع الاتحاد الإفريقي لإقحامه في الملف.
إذن، مرة أخرى، وفِي انتظار الصيغة النهائية لتقرير الأمين العام يتجدد الشعور بأن قضية الصحراء المغربية تمر بمنعرجات جديدة ومعقدة.
التعقيدات المرتبطة بهذا الملف تنتج في كل مرحلة تاريخية متغيرات جديدة تعيد تذكيرنا بجذور المشكلة وبالأطراف الفاعلة في هذا النزاع.
القضية من مخلفات المرحلة الاستعمارية، وهي امتداد بشكل أو بآخر للحرب الباردة في زمن القطبية الثنائية، ويبدو بأن تأثير الأطراف الدولية في النزاع لازال مستمرا وفق ما يخدم مصالحها الاستراتيجية بالدرجة الأولى، ففرنسا الدولة المستعمرة للمغرب وموريتانيا تحتفظ بدورها التقليدي في المنطقة، وهي ترتبط بمصالح سياسية واقتصادية وثقافية قوية مع المغرب، لكنها في الوقت نفسه لا ترغب في التفريط في علاقاتها التقليدية مع الجزائر، وإسبانيا المستعمِر السابق لمنطقة الصحراء، فإن سياستها في المنطقة هي حصيلة تضارب مواقف أطراف النظام السياسي: فالحزب الاشتراكي يدعم خيار الحكم الذاتي، أما الحزب الشعبي فموقفه يعتبر امتدادا لأطروحة اليمين، الذي لازال يرى في الجار المغربي أول تهديد لأمنه القومي، وهو نفس موقف المؤسسة العسكرية..
المتغير الأساسي هو الموقف الأمريكي الذي يعتبر المغرب حليفا استراتيجيا له، غير أن بعض مؤسساته تعمل منذ السنة الماضية على تبني مسودة قرار يرمي إلى توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة.
فقد سبق لتقرير سابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، أن تضمن توصية تحت رقم 116 أكد فيه “أنه بالنظر إلى التقارير المتواصلة حول انتهاكات حقوق الإنسان، فإن الحاجة إلى رصد مستقل وحيادي وشامل ومستمر لحالة حقوق الإنسان في كل من الصحراء الغربية والمخيمات تصبح أكثر إلحاحا”..
كل هذه المعطيات لا ينبغي أن تحجب عنا لغة المصالح الاستراتيجية التي تؤطر السياسة الخارجية الأمريكية، فمن المعلوم أن الإدارة الأمريكية ظلت تحتفظ بدور محوري في هذه القضية، نظرا إلى مكانتها الدولية ووظيفة الوصاية التي باتت تفرضها على أي منطقة في العالم لها فيها مصالح استراتيجية معتبرة، هذه الإدارة ظلت تحتفظ بعلاقات تاريخية متميزة مع المغرب من الناحية السياسية، لكنها في الوقت ذاته تحتفظ بعلاقات اقتصادية قوية مع الجزائر. 19.5 % من وارداتها من الغاز الطبيعي و7.8% من وارداتها البيترولية من الجزائر، ناهيك عن الصفقات الضخمة لبيع الأسلحة من أجل تعزيز القدرات العسكرية للجزائر.. هذه الأخيرة جعلت من دعم الأطروحة الانفصالية نقطة ارتكاز في سياستها الخارجية، انسجاما مع عقيدة إضعاف الجار والسعي إلى الهيمنة الإقليمية، عقيدة ترى بأنه ليس في صالحها أن يبسط المغرب سيادته الكاملة على الصحراء، ويحقق شروط الاستقرار والقوة التي تجعل منه فاعلا إقليميا في المنطقة.
في الواقع، الدعوات الانفصالية لا تتوفر على مرتكزات سياسية وواقعية مقنعة، ولكنها تتأسس على أخطاء المغرب في تدبير هذا الملف.
اليوم، بإمكان المغرب أن يتجاوز هذه الأخطاء عبر اعتماد سياسة جديدة تقوم أولا، على احترام حقوق الإنسان والسماح بحرية التعبير والتظاهر في نطاق القانون..
ثانيا، تشجيع الحوار مع ساكنة المنطقة عبر إشراك مثقفين وجامعيين وفاعلين مدنيين وعلماء شريعة لهم المؤهلات التي تجعلهم قادرين على الإقناع بلغة جديدة تتجاوز لغة الخشب المعتمدة في الإعلام الرسمي، والتي أثبتت فشلها إلى حدود الساعة، وترد على خطاب الانفصال بالحجة السياسية والاستراتيجية الواقعية، التي تؤكد بأنه لا مكان في العالم إلا للتكتلات الاقتصادية القوية وتفند أطروحة بناء دولة ‘ميكروسكوبية’ في المنطقة وتحلل أبعاد الصراع وخلفياته الإقليمية والدولية، وتقف بشجاعة على أخطاء المغرب في تدبير هذا الملف.
ثالثا، تعزيز الجبهة الداخلية عبر المضي في الإصلاحات السياسية والديمقراطية والمضي في التطبيق السليم لمشروع الجهوية، والذي يقدم الإجابة المطلوبة حول جدية المقترح المغربي القاضي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا سيمكن سكان الصحراء بمختلف انتماءاتهم السياسية والقبلية، بما في ذلك الصحراويين الموجودين بتندوف من تدبير شؤونهم التشريعية والتنفيذية بكل حرية في إطار السيادة المغربية. رابعا، القطع مع ثقافة الريع وتدشين أسلوب جديد في التعاطي مع الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية قائم على تشجيع منطق العمل والاستثمار في التعليم والموارد البشرية. خامسا، إحداث ثورة في الدبلوماسية المغربية وإصلاح وزارة الخارجية المدعوة اليوم، إلى العمل وفق قواعد مهنية واحترافية تستند على الخبرة والكفاءة والمهارات التواصلية، واستدراك أخطاء الماضي في أفق بناء مغرب ديمقراطي موحد يتسع لكافة أبنائه، ويغري الجميع بالانتماء إليه من الشمال إلى الجنوب…
اقرا أيضا
عامل الإقليم يتفقد سير عملية إعادة بناء المنازل المتضررة من الزلزال بإميندونيت واداسيل
الإدارة العامة للأمن الوطني تعين “مخلص” رئيسا جديدا للهيئة الحضرية بإمنتانوت
النيابة العامة بإمنتانوت تضع شخصين تحت تدابير الحراسة النظرية بعد اعتدائهما على مجلس قرآني نسائي بأداسيل
بالفيديو.. ستيني يهاجم مجلسا قرآنيا لسيدات بجماعة أداسيل والفعاليات المدنية تستنكر
عاجل.. فاتح رمضان المعظم 1445 يوم الثلاثاء 12 مارس 2024م
على بعد ساعات من شهر رمضان.. احتقان في صفوف ساكنة الأحياء المجاورة للمسجد الأعظم المغلق بإمنتانوت ودعوات للسلطات للتدخل
عقارب الساعة بالمغرب تعود إلى التوقيت “القانوني” بحلول شهر رمضان (بلاغ)
تعزية.. طاقم “شيشاوة الآن” يعزي في وفاة شقيقة واهروش رئيس جماعة مزوضة
البقالي مدير التعليم بشيشاوة يتفقد أحوال تلميذات وتلاميذ مركزية م/م السعديين بمستشفى محمد السادس
- أخبار المغرب
- رياضة
- منوعة
- منظمة الإغاثة الأمريكية وتنغير الكبرى بشراكة مع كلية الأداب ينظمون “خرجة بيداغوجية” لفائدة الطلبة الباحثين في جماعة إمكدال بالحوز
- بنطلحة يستحضر ضرورة نشر الوعي المعرفي بعدالة قضية الصحراء المغربية
- وفاة بنسعيد آيت إيدر بالمستشفى العسكري بالرباط
- بينهم طبيب وممرضان وحراس… توقيف شبكة تتاجر في الأطفال الرضع حديثي الولادة
- بعد أن وظف “الفايسبوك” لإستمالة ضحاياه.. الشرطة القضائية و”ديستي” الصويرة تعتقلان زعيم عصابة مختصة في الهجرة السرية بجماعة أقرمود
- لجنة نيابية تدرس قانونا يضفي صفة الموظف على أطر الأكاديميات وبنموسى يعتبر أن التعاقد انتهى نهائيا
- الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والأساليب المماثلة تنتظم تدريبا وطنيا لفائدة العشرات من النساء والحاجي تشيد بالتنظيم النوعي للدورة
- نجاح متميز لفعاليات الدوري الممتاز للكرة الحديدية بشيشاوة بحضور عامل الإقليم
- المناداة رسميا على الشيشاوي الناضي ضمن تركيبة المنتخب الوطني لأقل من 15 سنة لكرة القدم
- تحركات حثيثة للعثور على بديل للناصيري رئيسا لمجلس عمالة الدار البيضاء
- الركراكي : أسود الأطلس يطمحون للوصول للمربع الذهبي للكان
- بمناسبة عيد الاستقلال.. قافلة رياضية ترفيهية لفائدة أطفال بملاعب الثانوية الإعدادية لالة عزيزة
- المغرب ضمن أفضل الوجهات خلال 20248
- 2.6 مليون مصلّ ومُعتمر بالمسجد الحرام ليلة 27 رمضان8
- الوقاية من حوادث السير وتمليك ثقافة الاستعمال السليم للفضاء الطرقي محور ورشة تحسيسية احتضنتها ثانوية الإمام البخاري التأهيلية بشيشاوة8
- هل تحركت الأرض في تركيا 3 أمتار للغرب بعد الزلزال؟8
- فأر صغير يحظى بلقب كبير ويدخل غينيس!8
- الدكتور لكريني من مراكش: “الرياضة قوة ناعمة بمقدورها مواصلة تلطيف الأجواء الديبلوماسية بين الشعوب المغاربية رغم بعض التوظيفات المعزولة”8