*/

الرئيسية > أخبار المغرب

الشعر الأمازيغي و الإسلام

  • الجمعة 7 أبريل 2017 - 17:56

لقد شهدت القبائل الأمازيغية بشمال افريقيا حركات توسعية أجنبية كثيرة بداية من الرحلات البحرية للفنيقيين وصولا إلى الاستعمار الفرنسي و الإسباني.
لكن أهم حركة توسعية أثرت في البلاد الأمازيغية كانت مرحلة “الفتح الإسلامي”. و إن كان للتجار الفنيقيين أثرهم في الكتابة بالحرف الأمازيغي “تيفيناغ” ، و للرومان أثرهم في المعمار، فإن الفتح الإسلامي زيادة على استقدام اللغة و الثقافة العربيتين إلى شمال افريقيا و تيسير القراءة و الكتابة فقد أثر في القيم و في التعبير بل في الحياة الجمعية لسكان المغرب على وجه التحديد.
و لعل من أهم المؤشرات على ظاهرة التثاقف الأمازيغي-العربي هو التراث الأدبي الوافر الذي خلفه أدباء أمازيغ باللغة الأمازيغية غالبا و بالعربية أحيانا أخرى.
الإسلام الأمازيغي
و قد أسهم ترسخ الدين الإسلامي في تشجيع ثقافة الحفظ و القراءة و التعلم، و لعبت الزوايا دورا محوريا في التعليم كما كانت نواة لظهور ما يسمى اليوم بالمدارس العتيقة، التي تخرج منها أفواج عديدة من الفقهاء و الأدباء و المربين، يكفي ذكر الفقيه العلامة المختار السوسي للتمثيل على ذلك.
ثم بدت الحاجة ملحة إلى تقريب التعاليم الدينية للطلبة فقام بعض الفقهاء بتلخيصها و ترجمتها من اللغة العربية إلى الأمازيغية على شكل أراجيز سهلة الحفظ لعل من أقدمها و أهمها نظم في الفقه ألفه محمد بن علي بن ابراهيم الهوزالي و هو مطبوع في جزأين ” الحوض ” و ” بحر الدموع” و قد شرحه أبو علي الحسن بن مبارك التامودزتي و عقب عليه.
“تانضامت” أو النظم في خدمة المذهب
و انتشرت ظاهرة النظم فانتشر بفضلها الفقه المالكي و لم يعد المستفيد منها طالب العالم فقط بل إن ظهور ظاهرة ” تيرويسا” جعلت من الممكن تعليم أركان الإسلام لعموم الأمازيغ غير الناطقين بالعربية و قد انبرى لهذه المهمة شعراء تمرسوا في النظم بعد ان تلقوا تعليمهم الديني بإحدى المدارس العتيقة التابعة للزوايا كزاوية “تامكروت” الذي ذاع صيتها و لا يزال.
و من قصائد الدرس الديني نذكر مما نظمه الفقيه الشاعر سيدي حمو الطالب نظمه في توحيد الخالق و مطلعه ” الباري اوالي ايبضان اثران ديكنوان ” و تعريبه ” البارئ الذي فرق النجوم و السموات” و القصيدة مسترسلة في شرح مفصل لصفات و أسماء الله تعالى. و نذكر كذلك قصيدة ” الحج ” التي لا تزال تمثل دليل الحاج الأمازيغي الذي يستهدي به إلى شعائره و لا يخطئ معها مناسكه و قد نظمها الشاعر الحاج المهدي بن مبارك و مطلعها ” لحِج ءايكان لْفرضْ ايموسلمنْ فلاغْ ” و لغتها قريبة الفهم.
نصيب الأمازيغ من التراث الفقهي
و يجدر الذكر أن الباحث المغربي محمد مستاوي أورد في كتاب له بعنوان “الشعر الديني المغربي الأمازيغي في خدمة الإسلام” عددا كبيرا ممن أثروا التراث الأدبي بنصوص شعرية تعليمية و تربوية ساهمت في ترسيخ عدد من التعاليم والعبادات الإسلامية في أذهان الأمازيغ.
لا يمكن الحديث عن التدين لدى الأمازيغ دون ربطه بالأدب و الفن لأنهما أولى محطات التعرف بدينه، و لذلك حفظ المغاربة دينهم من التطرف و المغالاة، و التزموا بنقل القيم السمحة لعدة أجيال .
لكن الأدب الأمازيغي الكلاسيكي مهددٌ بالاندثار نظرا لقلة التدوين و اختفاء المصادر أو ندرتها، و عدم التعريف بها و هو ما يهدد النموذج المغربي في التدين المتميز بالتعايش و التنوع الايجابي بأن يصير مهملا مقابل نماذج راديكالية مستقدمة من الخارج.

بقلم : هشام الخضير ( شاعر / أستاذ التعليم الابتدائي بمدينة تارودانت )

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...