*/

الرئيسية > أخبار المغرب

الشعر والتربية موضوع ندوة علمية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مراكش/ أسفي واجماع على تجديد تصوراتنا في تدريسه

  • السبت 6 يوليو 2019 - 10:53

شيشاوة الآن – متابعة 

نظمت شعبة اللغة العربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ابن رشد مراكش/ أسفي بتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة بمراكش ندوة تربوية في موضوع تدريس الشعر والتربية على الإبداع .وذلك يوم الجمعة 28يونيو 2019 على الساعة التاسعة صباحا بالمديرية الجهوية لوزارة الثقافة بمراكش.
انطلقت أشغال الندوة بكلمات افتتاحية: الأولى لمنسق شعبة اللغة العربية الأستاذ عبد العزيز السيدي، والثانية لممثلة اللجنة التنظيمية، التي تتألف من الأساتذة المتدربين، الأستاذة المتدربة سعاد المدني.
أدار أشغال الندوة الدكتور معاد أوزال الذي أشار في البداية إلى أهمية الموضوع، مسجلا ضرورة العمل على تطوير تصوراتنا وطرائقنا في تدريس الشعر والتربية على الإبداع، قبل أن ينقل الكلمة إلى المتدخل الأول الدكتور حسن المودن الذي قدم مداخلة بعنوان: الشعر والتربية: أسئلة وملاحظات من منظور التحليل النفسي. وقد افتتح الأستاذ الباحث مداخلته بمجموعة من الأسئلة الإشكالية، من أهمها:
– ماذا عن التربية على الشعر في منهاجنا وبرامجنا ومقرراتنا الدراسية ؟
– ماذا عن التربية على الشعر من منظور التحليل النفسي ؟
– ماذا عن التربية على القيم بواسطة الشعر؟
– ماذا عن العلاقة الإشكالية بين التربية والشعر؟
وركز الدكتور حسن المودن في القسم النظري من المداخلة على مؤسس التحليل النفسي” سيجموند فرويد الذي عُرف بكونه ضدَّ البيداغوجيا وضد البيداغوجيين؛ لأن هؤلاء يحاولون دائما أن يشكلوا خطابهم على شيء مثالي يطمحون إلى تحقيقه عبر الناشئة من الأطفال والفتيان، في حين أن فرويد في تحليله النفسي يركز على مبدأ الواقعية لا مبدأ المثالية.
وقد وضح د.حسن المودن أن فرويد الذي كان ضد البيداغوجية، كان يستحضر بقوة الطفلَ والشاعرَ، فالطفل عندما يلعب، مثله مثل الشاعر، يعيد بناء العالم وفق رغباته، وهو يحمل لعبه محمل الجد ويوظف فيه كميات كبيرة من الانفعالات، ومن هنا فعكس اللعب ليس هو الجد، بل هو الواقع . وفي السياق نفسه، يستشهد د. حسن المودن بقولة لفرويد يقول فيها: إن الشعراء والروائيين هم أعز حلفائنا وعلينا أن نقدر شهاداتهم أحسن تقدير، لأنهم يعرفون أشياء لم نتمكن بعد حكمتنا المدرسة من الحلم بها. وهذا تقدير للشعر والشعراء، وتقدير للطفولة والشعرية.
أما بالنسبة إلى القسم التطبيقي، فقد ركز د. حسن المودن على إشكالية الشعر العربي القديم في المدرسة المغربية انطلاقا من نص للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو الذي لاحظ أن النصوص الشعرية العربية كلها نصوص محيرة ومقلقة: يبدأ فيها الشاعر بالوقوف على الأطلال /وذكر حبه الضائع/ووصف الفرس /ووصف الناقة / والمدح المبالغ فيه /والتملق /والتغني بالخمرة ووصف مجالس الشراب، مع أن الخمرة ممنوعة وتعتبر أم الخبائث في تربيتنا وقيمنا. ويخلص عبد الفتاح كيليطو إلى أن الشعر العربي يبدو كأنه يتعارض والمبادئ الأساس في تربيتنا العائلية والاجتماعية. فهل هذا تناقض بين الشعر العربي وقيم المدرسة والعائلة والمجتمع ؟ وهل الحل هو التخلص من هذه النصوص والبحث عن نصوص أكثر ملاءمة تربي عليها المدرسة متعلميها من الأطفال والفتيان؟
يسجل د. حسن المودن أن المشكل لا يتعلق بالشعر العربي، بل المشكل يتعلق بالبيداغوجيا، فتلك النصوص التي يظهر أنها تتعارض مع قيمنا هي جزء من هويتنا الثقافية والحضارية، وبواسطة الشعر يمكننا فتح أعين الأطفال والفتيان على التجربة الإنسانية في صورتها الواقعية بحيث تحتوي الشيء ونقيضه؛ فالتربية على القيم بواسطة الشعر لا ينبغي لها أن تصوغ التجربة الإنسانية صياغة مثالية، بل من الضروري أن نستند إلى مبدأ الواقعية، وأن نربي الأطفال والفتيان على أن يدركوا تلك الازدواجية وذلك الانقسام والتعدد في شخصية الإنسان، فالإنسان متعدد في شخصيته كما في حياته، فهو ليس واحدا موحدا بل هو واحد متعدد.. ويقترح د. حسن المودن في ختام المداخلة ما يأتي :
ماذا لو جمعنا بين الشاعر الذي يبكي الأطلال وبين الشاعر الذي يتغنى بالخمرة؛ ألا تتأسس نفسية الإنسان على هذا الصراع بين قوى الحياة وقوى الموت؟
ماذا لو اعتبرنا شخصية المتنبي والمعري شخصية واحدة، شخصية مزدوجة تتألف في الوقت نفسه من شخصية ترغب في الحكم وشخصية ترغب في الحكمة، ألا ينبغي لنا في الشعر أن نجعل القارئ المتعلم يستوحي كيف يدبر صراعه بين الرغبة والرهبة، بين السلطة والحكمة، بين البكاء والفرح، بين اللذة والألم، بين الحياة والموت؟ …. عندما نربي أطفالنا على القيم بو اسطة الشعر، لابد أن نستحضر هذا الوجه المزدوج والعادي والطبيعي للشخصية الإنسانية .
ثم ماذا لو انطلقت المؤسسة التربوية من الازدواج والتعدد على أنه مسألة طبيعية في الشخصية الإنسانية، وأنه من الضروري في التربية أن يتعرف الطالب الشخصية الإنسانية في واقعيتها، في تعددها، في تناقضها، في صورها المتعارضة؟
الخلاصة أن الشعر هو القادر على تقريب ذلك إلى نفوس الفئة المستهدفة من المتعلمين في المدرسة المغربية.
أما المداخلة الثانية فقد كانت بعنوان: النص الشعري بين جاذبية النقد وإكراهات التدبير المدرسي، للأستاذ حميد المنسوم. وقد قدم الأستاذ ذو التجربة والخبرة في التدريس بالتعليم الثانوي ملاحظات وجيهة بخصوص تدريس الأدب والشعر بالمدرسة المغربية، مسجلا هيمنة الوصفات التقنية على منهجيات التدريس في مقابل إهمال النصوص نفسها وعدم أخذ المتعلم القاريء بعين الاعتبار أثناء التفاعل مع النصوص الأدبية، ومنبها إلى أن التدريس يهتم بالعلوم والمفاهيم النقدية أكثر مما يهتم بالنصوص نفسها وبما يمكن أن تخلقه من متعة جمالية للقاريء المتعلم. ويقترح الأستاذ المنسوم في نهاية مداخلته العمل على تطوير القراءة المنهجية المقررة في التعليم الثانوي، وأن نتجنب النمطية والتنميط في التدريس وذلك بفتح مساحات الحرية والحوار بين النصوص والمتعلمين..
وكانت المداخلة الثالثة للدكتور عبد اللطيف عادل بعنوان: تدريس الشعر: أفكار ومقترحات؛
وقد افتتح الأستاذ الباحث مداخلته بافتراض أن الشعر حاجة ضرورية رغم التطور الإعلامي والمعلوماتي والتقني والبيداغوجي، وذلك لما للشعر من دور أساس في التنشئة، فهو حكمة ومعرفة ووجدان وتذوق؛ ملاحظا أن المدرسة المغربية تواصل اعتماد الشعر في الوحدات المنهجية الدراسية في التعليم الأساسي وفي التعليم الثانوي والإعدادي، وفي الشعب العلمية والأدبية، فالشعر إذن ضرورة في منهاجنا المغربي، لكن لابد من تطوير مناهج تدريسه، وذلك ما يفرض إثارة أسئلة، من أهمها : كيف نجعل الشعر حافزاً على الإبداع ؟ وكيف نجعل الشعر يفرز الإمكانات الواسعة الإبداعية لدى التلاميذ ؟ هل في واقع تدريسه ما يعين على إنجاز هذه المهام في المدرسة المغربية ؟ وكيف يمكن الربط بين الشعر والتربية على الإبداع؟
لا أحد ينكر أن منهاج اللغة العربية تطور واستفاد من جديد النقد والديداكتيك والتربية، لكن لا بد من الاستمرار في التطوير؛ وهنا يقدم د. عادل مجموعة من المقترحات تهم تدريس الشعر:
أولا، في تدريس الشعر، لابد من مراعاة التكامل بين هذا الفن والفنون الأخرى .
لا بد من ربط الشعر بالموسيقى وبالمسرح، فلا ينبغي للشعر أن يبقى حبيس حجرة الدرس، فلا ينبغي للشعر أن يرتبط بالدرس اللغوي فحسب، بل لابد من نقله إلى أندية الموسيقى والتشكيل والمسرح..
تحفيز المدرس على حفظ بعض الأشعار لتقوية ملكته الشعرية، فحفظ الشعر ينمي ملكة الفقيه والإعلامي والمترسل والخطيب…والطرائق التقليدية في تدريس الشعر ليست سلبية دائما..
الاهتمام بالإبداعات النسائية، فالكتابة النسائية العربية مزدهرة في العصر الراهن، وفي مختلف أجناس الأدب، لكنها ليست حاضرة بالشكل الملائم في برامجنا ومناهجنا ومقرراتنا…
إدراج النصوص الشعرية المترجمة من الآداب الإنسانية، فإذا كنا نعتمد المناهج النقدية الغربية والتصورات الديداكتيكية الغربية والمقاربات البيداغوجية الغربية، فلماذا إقصاء نصوص الآداب الغربية؟
استثمار الأنشطة الموازية في التربية على الإبداع.
أما المداخلة الرابعة، فقد قدمها الدكتور عبد العزيز الحويذق تحت عنوان: إشكالية تدريس الشعر في الفضاء المدرسي. وقد انطلق الأستاذ الباحث من هذا السؤال: ما جدوى الشعر في لحظة أصبح النموذج العلمي والتكنولوجي هو المهيمن ؟ وما جدوى تدريس الشعر بمقاربات تحولت إلى وصفات تقنية نمطية فارغة من كل روح التخييل والإبداع؟
ينطلق عبد العزيز الحويذق من افتراض أن المجتمع الحر هو الذي يمنح قيمة كبرى للأدب والتخييل والإبداع. أما عن تدريس الشعر في المدرسة المغربية، فهو يسجل ضرورة تجاوز الأجرأة الديداكتيكية في الشعر، والتحفيز على الإبداع؛ وذلك بالتحفيز على الإبداع والتعامل مع القصيدة بنوع من التذوق. ولا بد من توسيع مادة الشعر لتكون وسيلة لتنمية التخييل والإبداع . ففي نظره، لابد من إثارة هذه الأسئلة:
ماذا عن الكتب المدرسية الخاصة بتدريس الأدب؟ وهل من الضروري أن تكون النصوص الشعرية والأدبية مصحوبة بأسئلة؟ ألا يهتم الأستاذ والمتعلم بالإجابة عن تلك الأسئلة أكثر من اهتمامهما بالنص الأدبي نفسه؟ أتعمل تلك الأسئلة والمقاربات على تنمية التخييل والتربية على الإبداع أم أنها تهتم بالعلم والمفاهيم أكثر من اهتمامها بالنصوص والإبداعات؟
وكانت المداخلة الخامسة للدكتور محمد ايت لعميم، وهي تحت عنوان: إشكالية تدريس الشعر في المدرسة. وقد افتتح الأستاذ الباحث حديثه بتعريف الشعر وتحديد المقصود بالهوية الشعرية، متسائلا : ما معنى القراءة الشعرية، وهل الشعر قابل للتدريس عبر الطرق التعليمية المعتمدة في نظامنا الحالي؟ هل ندرس الشعر من أجل اكتساب اللغة فقط؟ لماذا لا نأخذ بعين الاعتبار العلاقة التي وضعها فرويد بين الشاعر والطفل، بين الشعر والطفولة؟ لماذا لا نمنح للمتعلم فضاء حرا للعب والابداع؟…لماذا لا نبدع في طرائق تدريس الشعر على طريقة الشريط السينمائي: حلقة الشعراء المفقودين؟ هل من الضروري أن تؤطر النصوص التي ندرّسها بمقدمات نقدية ونصوص نظرية؟ أليس الأفضل أن نخلق حوارا حرا بين المتعلم والشعر؟ …ومن جهة ثانية، يتساءل الدكتور محمد ايت العميم: لماذا تهيمن النصوص الأدبية المشرقية على مناهجنا وبرامجنا ومقرراتنا المدرسية؟ لماذا نهمل النصوص الأدبية المغربية قديمها وحديثها؟ وهل من الممكن بناء هوية أدبية ثقافية عند أطفالنا وشبابنا بإقصاء غير مفهوم للشخصيات الأدبية المغربية، القديمة والحديثة؟ إذا كان الانفتاح ضروريا على كل الآداب الإنسانية، فإن استحضار تراثنا الأدبي المغربي في مدارسنا أمر ضروري، يسجل الدكتور محمد ايت العميم.
وكانت المداخلة السادسة والأخيرة للدكتور لحسن بواجلابن تحت عنوان: تدريس الشعر وأسس إحداث الوقع الجمالي في المتلقي. وقد تساءل الأستاذ الباحث في بداية مداخلته عن الجدوى من تدريس الشعر، موضحا أن وظائف تدريس الشعر عديدة، منها تقريب القيم الجمالية إلى التلاميذ، لكن هناك مجموعة من الاختلالات تنخر جسد الشعر على مستوى الكتاب المدرسي :
استمرار النظرية التاريخية السياسية التي تقسم الشعر إلى عصور سياسية؛
هيمنة تاريخ المضامين؛
إهمال ذاتية القاريء المتعلم وعدم أخذ الذات المتعلمة القارئة بعين الاعتبار أثناء تدريس الشعر والأدب؛
وفي نهاية مداخلته، خلص الأستاذ الباحث حسن بواجلابن إلى ضرورة الانتقال إلى تاريخ الأشكال بدل تاريخ المضامين، ولا بد من تغيير نظرتنا إلى الشعر، و مراعاة خصوصية النصوص الشعرية، كما يلزمنا مراعاة السياق الثقافي الذي قيل فيه هذا الشعر .
وفي القسم التطبيقي من هذه المداخلة، يطرح الأستاذ الباحث سؤالا يراه أساسا: أين يكمن البعد الجمالي للشعر ؟.. موضحا أن الشعر وسيلة لتنمية القدرة على تذوق الجمال وتربية الوجدان، ومهارة التذوق الشعري من المهارات التي يمكن تنميتها من خلال تدريس النصوص الشعرية . أما عن مكمن البعد الجمالي فيحتوي النص الشعري على مقومات وخصائص من شأنها أن تؤثر مباشرة في المتلقي، فالبعض يتأثر بموسيقى الشعر، والبعض بالصور، والبعض بالأساليب .
بعد تقديم المداخلات، انطلق نقاش غني بين الأساتذة الباحثين والأساتذة المؤطرين والأساتذة الممارسين والأساتذة المتدربين، مع التركيز على الإشكالات الديداكتيكية والبيداغوجية والتربوية التي يثيرها تدريس الشعر في المدرسة المغربية، وفي التعليم الثانوي على الأخص.

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...