الإصطفاف بجانب “بنكيران” ضرورة تاريخية ومستقبل المغرب رهين باللحظة المفصلية التي يعيشها
ياسر أروين – باحث في الشأن السياسي المغربي
يعيش المغرب في هذه المرحلة لحظة مفصلية في تاريخه الحديث، تستدعي منا جميعا التجرد من صراعاتنا السياسية و”الإيديولوجبة” والتفكير بعقلانية واستحضار الصراع الخفي الذي يدور رحاه في مستويات بعيدة نسبيا عن المواطن المغربي، الذي لا يزال لم يستوعب طبيعة الصراع على الأقل من الناحية النظرية، خصوصا في ظل شح المعطيات والإنتشار الرهيب للإشاعة التي أصبحت تلعب دورا محوريا في المخيال السياسي المغربي.
وللتوضيح فقط ورفعا لكل لبس، فأنا أختلف كليا مع توجهات واختيارات حزب “العدالة والتنمية”، وأنتمي مرجعيا وإيديولوجيا إلى مدرسة اليسار المغربي الأصيلة وأفتخر بانتمائي لها، وأصدح قائلا أنني تربيت في أحضانها ودافعت وسأبقى مدافعا عن قيمها…لكن هذا لن يعفينا كمغاربة عموما وكيساريين خصوصا من ضرورة الترفع عن التجاذبات المرجعية والسياسية، واستحضار خطورة المرحلة التي يعيشها المغرب، آملا في بناء وطن ديمقراطي حر يضمن لجميع أبنائه العيش بكرامة ويسع جميع المغاربة بكل مرجعياتهم السياسية واختلافاتهم العقدية الدينية.
فالمرحلة من وجهة نظرنا تقتضي الإصطفاف كليا مع “عبد الإله بنكيران” باعتباره الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” وليس كرئيس للحكومة دون الدخول في تفاصيل أخرى لنعفي أنفسنا من نقاش ليس ذي جدوى، وعندما نقول الإصطفاف لا نقصد به الإصطفاف السياسي أو الإنتخابي، بل المقصود به (الإصطفاف) الوقوف مع الرجل وحزبه في الحرب الطاحنة (إن صح التعبير) التي تشنها ضده اللوبيات المتحكمة في أعناق وأرزاق والعباد (وهنا وجب التذكير أننا نحبذ استعمال مصطلح اللوبيات بدل مصطلحات المخزن، الدولة العميقة…إلخ).
فعندما نقول أن الوقوف أو الإصطفاف بجانب “بنكيران” ضرورة تاريخية ملحة، من الضروري من وجهة نظرنا استحضار ما تعرض له “عبد الرحمان اليوسفي” شيخ الإشتراكيين المغاربة في مرحلة تشبه إلى حد كبير ما يقع الآن بالمشهد السياسي المغربي (مع المحافظة بطبيعة الحال على الفوارق بين الرجلين واختلاف التوازنات بين المرحلتين)، حيث تعرض “اليوسفي” في حينها (بعد انتهاء حكومة الإنتقال الديمقراطي من مهامها في نسختها الأولى) لهجوم شرس من اللوبيات التي أحست بتهديد مباشر لمصالحها إذا ما استمر شيخ الإشتراكيين في مهامه على رأس الحكومة المغربية، ليتعرض (اليوسفي) لحملة حتى من أقرب المقربين له داخل حزب “الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية”، الذي دخل بدوره في دوامة تنظيمية يدفع الحزب ثمنها إلى الآن، حيث جميع المتتبعين يعرفون الوضعية التي وصل إليها الحزب سياسيا وتنظيميا، وفقدانه لدوره الريادي في تأطير فئات عريضة من الشعب المغربي…
وهنا تجب الإشارة إلى “الردة” الديمقراطية والحقوقية التي شهدها المغرب مباشرة بعد نجاح اللوبيات في “إسقاط” اليوسفي من مؤسسة الوزارة الأولى، وإضعاف مجموعة من الأحزاب السياسية المؤثرة داخل الرقعة السياسية بالمغرب، والعودة القوية لتحكم اللوبيات في ثنايا اللعبة السياسية والإقتصادية…وهو الأمر الذي نتوجس منه إذا ما استطاعت (اللوبيات) تقزيم “بنكيران” وحزبه وتهميش إرادة الناخبين المغاربة، ما نعتبره من منظورنا خسارة للمغرب على جميع المستويات وعاملا أساسيا للدفع أكثر نحو اليأس والإرتماء في أحضان التطرف بجميع أنواعه…وليست هذه دعوة للتصويت على “بنكيران” وإخوانه، الذين نختلف معهم على طول الطريق، لكن واجبنا كمواطنين أولا وكيساريين حداثيين ثانيا الدفاع عن اختيارات المصوتين المغاربة، فهم الذين يعود لهم الحق في اختيار الحزب الذي يقودهم سواء كان إسلاميا أو يساريا أو يمينيا…وهذا جوهر الديمقراطية التي نتغنى بها جميعا.
فالإشكالية بالنسبة لنا هي في حماية الديمقراطية والحريات، التي لن تستقيم للمغرب أية نهضة اقتصادية/تنموية بدونها، وهذا يتطلب الإصطفاف بجانب “بنكيران” في صراعه مع اللوبيات التي تستهدف من وجهة نظرنا مكتسبات المغاربة بغض النظر عن “بنكيران” أو فلان أو علان ، فمن المسلم أن حرب اللوبيات موجهة ضد كل من يحاول لجمها والحد من تحكمها في الإقتصاد المغربي والمشهد السياسي…فمن الضروري(من وجهة نظرنا) حماية الحزب أو السياسي الذي سيحصد ثقة الناخب المغربي في الإنتخابات التشريعية المقبلة سواء كان “بنكيران” أو “العماري” أو “شباط” أو أي حزب آخر بغض النظر عن انتمائه الإيديولوجي وتوجهاته السياسية.
فنحن الآن مطالبون بعدم الإنسياق مع النقاشات الهامشية الإلهائية من جهة، ومن جهة أخرى بحماية مكتسبات حققها المغاربة بدماء شهدائهم وبنضالات سياسية ونقابية على مدى التاريخ الحديث، دون أن ننسى الدور الإستراتيجي الذي لعبته حركة 20 فبراير ، حيث انتزعت مكاسب مهمة وكبيرة وأطاحت بأسماء “وازنة” كانت حتى وقت قريب (قبل خروج الحركة إلى الشوارع) تعد من “مقدسات” الوطن، وحماية هذه المكتسبات لن يتأتى من وجهة نظرنا دون الإصطفاف بجانب “بنكيران” وحزبه، عن طريق حماية اختيارات المغاربة الإنتخابية، فالإيمان العميق بالديمقراطية يقتضي احترام أصوات المغاربة دون مواربة، في ظل أن جميع المؤشرات والمعطيات المتوفرة حاليا تشير إلى احتلال حزب “العدالة والتنمية” للمرتبة الأولى في انتخابات 7 أكتوبر المقبلة.
انطلاقا من المعطيات الواردة سلفا، يبدو أن المغرب يعيش في هذه اللآونة محطة مفصلية في تاريخه الحديث يتوجب علينا جميعا الإنخراط فيها لحماية الديمقراطية، وربح المعركة/الصراع حتى نستطيع لجم اللوبيات وإبعادها عن التدخل/التحكم في الحقل السياسي بالمغرب، حتى لا يعود (المغرب) إلى سنواته العجاف ويخسر مكتسبات ضحى في سبيلها المغاربة بالغالي والنفيس، وتجاوزا لانتكاسة ديمقراطية/حقوقية مرتقبة إذا ما انتصرت اللوبيات، كما حصل بعد فشل(رأينا الشخصي الذي لا نلزم به أي كان) حكومة التناوب التوافقي في عهد “عبد الرحمان اليوسفي”، حيث خسر المغرب سنوات ومجهودات كان بالأحرى توجيهها نحو التنمية المستدامة للمغرب وضمان الحرية، الكرامة، والعيش الكريم لكل مواطنيه بغض النظر عن مرجعياتهم السياسية/الفكرية وانتماءاتهم الدينية/العقدية.
يبدو أنه آن الآوان لنؤجل صراعاتنا السياسية (التي تدخل في إطار العادي والحراك السياسي الإيجابي)، والإنكباب على حماية مكتسباتنا الديمقراطية والحقوقية، أما فيما يتعلق بنتائج الإنتخابات المرتقبة فمن اختاره الناخب المغربي فما علينا سوى تشجيعه ومحاسبته، ولما لا ممارسة معارضة قوية وبناءة له خلال قيادته لتسيير دفة الحكم بالمغرب، وعندها يتفرغ كل حزب أو تنظيم سياسي بالمغرب للدفاع عن مرجعيته ورؤاه السياسية في أفق “محاصرة” المد الإنتخابي لحزب “العدالة والتنمية” وممارسة الآليات الديمقراطية في ممارسة الصراع السياسي.
اقرا أيضا
تعزية.. الأساتذة والإداريون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بآسفي يعزون في وفاة زوجة الدكتور حسن المودن
عاجل.. احتراق كلي لسيارة خاصة في الطريق السيار بمجاط يستنفر الدرك الملكي
تنسيقيات التعليم تعود للاحتجاج بسبب عدم حل مشكلة الموقوفين
التعليم في أوقات الأزمات موضوع ندوة وطنية للجمعية المغربية لأساتذة اللغة الانجليزية بشيشاوة
برئاسة الكراب عامل شيشاوة.. اللجنة الاقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية تصادق على تمويل 105 مشروعا بتكلفة 53 مليون درهم
مصرع فلاح في عمق بئر بدوار البيرات بجماعة المزوضية
استعدادا للمؤتمر العام الثامن عشر.. حزب الاستقلال يعقد مؤتمره الإقليمي بشيشاوة
افتتاح مركز النصر لتصفية الدم بشيشاوة
المنطقة الاقليمية للأمن بشيشاوة تشارك في فعاليات الملتقى الاقليمي الرابع للتوجيه المدرسي والمهني والجامعي
- أخبار المغرب
- رياضة
- منوعة
- المجلس الأعلى للسلطة القضائية ودوره في تكريس المحاكمة العادلة
- المغرب يجدد لاءاته الثلاث في وجه ديميستورا للتوصل إلى حل سياسي لملف الصحراء
- أخنوش يمثل الملك محمد السادس في حفل تنصيب الرئيس السينغالي الجديد
- عقود كراء وهمية تتسلل إلى تمويل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
- سوء الأحوال الجوية يوقف الدراسة في مدارس بالحسيمة وتطوان وشفشاون
- بنطلحة يقارب تكلفة السلام وحيثيات “سيناريو الحرب العالمية الثالثة”
- انتخاب حسن لحلو رئيسا لجمعية التنمية الرياضية بإقليم شيشاوة
- الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والأساليب المماثلة تنتظم تدريبا وطنيا لفائدة العشرات من النساء والحاجي تشيد بالتنظيم النوعي للدورة
- نجاح متميز لفعاليات الدوري الممتاز للكرة الحديدية بشيشاوة بحضور عامل الإقليم
- المناداة رسميا على الشيشاوي الناضي ضمن تركيبة المنتخب الوطني لأقل من 15 سنة لكرة القدم
- تحركات حثيثة للعثور على بديل للناصيري رئيسا لمجلس عمالة الدار البيضاء
- الركراكي : أسود الأطلس يطمحون للوصول للمربع الذهبي للكان
- المغرب ضمن أفضل الوجهات خلال 20248
- 2.6 مليون مصلّ ومُعتمر بالمسجد الحرام ليلة 27 رمضان8
- الوقاية من حوادث السير وتمليك ثقافة الاستعمال السليم للفضاء الطرقي محور ورشة تحسيسية احتضنتها ثانوية الإمام البخاري التأهيلية بشيشاوة8
- هل تحركت الأرض في تركيا 3 أمتار للغرب بعد الزلزال؟8
- فأر صغير يحظى بلقب كبير ويدخل غينيس!8
- الدكتور لكريني من مراكش: “الرياضة قوة ناعمة بمقدورها مواصلة تلطيف الأجواء الديبلوماسية بين الشعوب المغاربية رغم بعض التوظيفات المعزولة”8