*/

الرئيسية > أراء

الإجهاض بين الواقع والقانون

  • الأحد 22 مارس 2015 - 21:30

téléchargement (1)

حامي الدين

مرة أخرى يؤكد المغاربة أن بإمكانهم تجاوز الكثير من المشاكل المجتمعية عبر إعمال المقاربة التشاورية والتشاركية من أجل فهم أعمق للظواهر الكامنة في أعماق المجتمع، واعتماد الحلول الملائمة لمعالجتها..
المنهجية التي أعلن عنها الملك محمد السادس قبل مراجعة أحكام الإجهاض في القانون الجنائي المغربي، هي المنهجية الفضلى في التعاطي مع مختلف الإشكالات المجتمعية..

وقد أحسنت وزارة الصحة حينما أشرفت على تنظيم مناظرة في الموضوع بمشاركة مختلف الأطراف المعنية، وكذا المشاورات الداخلية التي أجرتها وزارة العدل والحريات في الموضوع وهي تستعد لإطلاق مسودة مشروع القانون الجنائي المعدل.. كلها عناصر ضرورية لترسيخ بعض القواعد النموذجية في تدبير الاختلافات المتعلقة ببعض الظواهر الاجتماعية الحساسة.
المنهجية المتبعة تقوم على ضرورة الانتباه إلى التطورات الجارية في المجتمع مع الالتزام باحترام تعاليم الشريعة الإسلامية.. ماذا يعني ذلك؟

يعني ضرورة فهم التطورات الحاصلة في المجتمع عبر الإنصات إلى الأرقام المعلنة بشكل صحيح حول ظاهرة الإجهاض الغير القانوني الذي يتم بشكل سري داخل العديد من المصحات وداخل البيوت أيضا بمشاركة أطباء وممرضين..
بعض هذه الحالات يمكن أن تصبح منسجمة مع القانون وبعضها يعتبر بالتأكيد اعتداء على النفس البشرية وجريمة يعاقب عليها القانون..

لابد من فهم الأسباب العميقة للظاهرة وتحليل أبعادها القيمية والاجتماعية والاقتصادية، وتفكيك أنواعها وترتيب الأحكام القانونية الملائمة لكل حالة من الحالات الموجودة.. تشخيص المشكلة ينبغي أن يتم انطلاقا من اعتبارات موضوعية تتجاوز النموذج المعياري الذي نتمناه لمجتمعاتنا، فمثلا لا يمكن الانطلاق من مسلمة اعتبار كل عملية إجهاض هي عملية قتل للنفس التي حرم الله ـ هكذا بإطلاق ـ كما تتجاوز في نفس الوقت شرعنة كل أشكال وأنواع الإجهاض بطريقة متطرفة بدون ضوابط قانونية وأخلاقية.. ومن هنا ضرورة الاجتهاد من أجل تطوير القانون الحالي مع احترام أحكام الشريعة الإسلامية.. ماذا يعني ذلك؟

يعني ضرورة إعمال أدوات الاجتهاد الجماعي الذي يشارك فيه جميع الخبراء في الموضوع من أطباء وعلماء شريعة وقانونيين من أجل استعراض الحالات الجديدة التي استحدثت في واقعنا بفعل تطور الجريمة مثل حالة زنا المحارم وحالة الاغتصاب الذي يترتب عليه، أو حالات لم ينتبه إليها المشرع في السابق كحالة المرض الذي يهدد الأم بالوفاة في حالة الحمل أو غيرها من الحالات التي يحددها المختصون.. وترتيب الأحكام القانونية لكل حالة على حدة على ضوء مقاصد الشريعة وأحكامها بما يحقق مصالح الأفراد والجماعات..

ومعلوم أن من خصائص الشريعة الإسلامية السمحة القائمة على حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال أنها وسطية ومعتدلة، وهي قادرة على توفير مصالح العباد سواء كانوا أجنة أو أطفالا أو شبابا أو شيوخا، وأحكامها مرنة وواقعية تتراوح بين الوجوب أو الحرمة أو الكراهة أو الندب أو الإباحة وهو ما يضمن إمكانيات واسعة للاجتهاد حسب تغير ظروف الزمان والمكان..
المصلحة الحقيقية للمجتمع ليست في التحريم المطلق ولا في الإباحة المطلقة.. فلنعتدل..

اقرا أيضا

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...