رمضان: سلطان الشهور
مع بداية شهر رمضان يوم 27 ماي صدر كتاب “الشهر الأكثر طولاً، رمضان في إسطنبول” لفرانسوا جيورجون، المتخصص في العالم الإسلامي واللغات الشرقية، والمدير السابق للمركز الوطني للبحث العلمي المعروف اختصاراً بـ CNRS:
يبيّن المؤلف أن شهر رمضان، الشهر التاسع من السنة القمرية، أصبح مع مرور الزمن أقوى الأوقات في الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية في الدول الإسلامية. بل الزمن الأكثر قداسة، بما أن القرآن الكريم نزل فيه على النبي محمد، فاليوم يقضيه المسلم في الزُّهد، لكن منذ نهاية وجبة الإفطار، تبدأ لحظات اللقاءات العائلية والاجتماعية. يقول الكاتب واضعاً هذا الشهر في ميزان التاريخ: “إن دراسة طقس ديني مثل رمضان، بالنسبة للمؤرخ يعادل نوعاً من التحدّي، أو على الأصح، يمنح فرصة مثالية لدراسة التغيير، أي حركة التاريخ ذاته”.
وهو يحكي عن رمضان في مدينة إسطنبول منذ منتصف القرن التاسع عشر وبداية الإصلاحات العثمانية إلى اليوم، فإنه يحكي عن انتقالات تركيا في علاقتها بالدين وكيف تقدّم نفسها إلى العالم. لذلك اعتمد المؤرخ على نصوص المرحلة، مثل الجرائد المحلية، ونصوص الرحالة، وأخبار العائلات، وقام بتحليل الحركات التي تخترق أعماق مدينة بحجم إسطنبول، بساكنة بلغت 400000 نسمة سنة 1800، مليون نسمة سنة 1900، وأكثر من 15 مليوناً اليوم، لذلك فهي، حسب فرانسوا جيورجون، مختبر اجتماعي عظيم. وبما أنها، إلى حدود القرن العشرين، احتضنت أقليات غير مسلمة: يونانيين، أرمن، يهود، إلخ، فإن شهر رمضان هو أيضاً كاشفٌ لطبيعة العلاقات بين المجموعات.
في بداية القرن التاسع عشر، كان “الشهر الأطول” يلعب دوراً مركزياً في المجتمع العثماني. دور هو “في نفس الوقت طقس ديني وكرنفال”، كما عبر الشاعر الفرنسي جيرار دي نيرفال بإعجاب، هو نفس الإعجاب الذي عبّر عنه أغلب الكُتّاب الرحالة الغربيين. “في كل أربعة وعشرين ساعة، يختلط كل شيء بكل شيء، الإفطار والوليمة، الورع والمرح، الحماس والبهجة، الدين والدنيا”، يقول المؤلّف.
إن هذا الشهر هو أيضاً شهر التجاوزات لأمور ظلت ثابتة طيلة سنوات، حيث النساء يخرجن في رفقة طيبة من عزلتهن لمشاهدة العديد من العروض. إنه شهر الحرية، وأيضاً حامل لرمزية سياسية كبيرة. فقد كان، بالنسبة لعبد الحميد الثاني (1876-1909) مثلاً، فرصة لتثبيت الخلافة، أي البعد الديني للسلطة.
بعد الإطاحة بهذا الطاغية، يضيف المؤلف، أصبح رمضان لحظة للنقاشات السياسية الساخنة. فأصبح الشبان الأتراك، الداعون إلى جعل تركيا غربية بوتيرة سريعة، يطلبون من الأئمة شرح الدستور الجديد أثناء خطبهم، فدخلوا في مواجهة مع المحافظين الذين أصبحوا يمثلون التقليد وإضعاف الإسلام، الذي تجلّى في انخفاض عدد الصائمين في الشهر الكريم، وذلك، من جانب آخر، دليل على أفول الإمبراطورية.
يشير المؤلف إلى أن الدول الإسلامية، ويعطي هنا مثالاً بتركيا، مهما بلغت درجة حداثتها، فإن رمضان يظل زمناً مقدّساً. ومع صعود الإسلام السياسي (في تركيا دائماً)، وتربع أحزابه على سدّة الحكم، أصبح رمضان رمزاً للوحدة والجمع. ولا غرابة في أن نجد في جل الساحات، كما في بعض المقاهي، الإسلامية تُمنح وجبات الإفطار مجّاناً للفقراء والمعوزين وعابري السبيل.
هنا تقف الخاتمة التي وضعها للكتاب الجغرافي جان-فرانسوا بيروز، على حقيقة أساسية: “ففي رحاب العاصمة الكبيرة، ورغم كلّ قوى الفردانية التي تخترق المجتمع، يبقى رمضان في بداية القرن الواحد والعشرين لحظة عائلية أساسية، حيث تنشط العلاقات من جديد”.
لقد رسّخ رمضان مكانته المركزية في المجتمعات الإسلامية، وقوانينه ظلت راسخة بعمق في المتخيل الجمعي. هكذا يستخلص الباحث.
*المقالة مترجمة من صحيفة “لوموند” الفرنسية.
اقرا أيضا
الكراب عامل شيشاوة يفعل آلية الإنصات الترابي لمتضرري الزلزال ويقنعهم بالانخراط الفعال في عملية إعادة الإعمار
الكراب عامل إقليم شيشاوة ورجال سلطة يتفقدون سير أوراش إعادة الإعمار في المناطق الجبلية ويعقدون لقاءات ميدانية مع الساكنة
استقلاليو شيشاوة يشاركون بالمؤتمر العام لتجديد الثقة في نزار البركة أمينًا عاما للاستقلال
عامل إقليم شيشاوة يؤشر على 128 تصميم من تصاميم تحديد مدارات الدواوير التابعة لستة جماعات قروية بإقليم شيشاوة
إدارة وعمال شركة اسمنت المغرب بالمزوضية وطاقم “شيشاوة الآن” يعزون الإطار جفغالي في وفاة عمه
تعزية.. الأساتذة والإداريون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بآسفي يعزون في وفاة زوجة الدكتور حسن المودن
عاجل.. احتراق كلي لسيارة خاصة في الطريق السيار بمجاط يستنفر الدرك الملكي
تنسيقيات التعليم تعود للاحتجاج بسبب عدم حل مشكلة الموقوفين
التعليم في أوقات الأزمات موضوع ندوة وطنية للجمعية المغربية لأساتذة اللغة الانجليزية بشيشاوة
- أخبار المغرب
- رياضة
- منوعة
- قمة التعاون الإسلامي: الملك محمد السادس يطالب بـ”وقف العدوان الإسرائيلي” على غزة داعيا إلى “وضع حد للكارثة”
- الملك يحث على مساعدة الدول الأٌقل نموا في إفريقيا مؤكدا على “الصبغة التضامنية” لمشاريع بلاده في القارة
- الملك يهنئ بركة بعد إعادة انتخابه أمينا عاما لحزب الاستقلال
- المجلس الأعلى للسلطة القضائية ودوره في تكريس المحاكمة العادلة
- المغرب يجدد لاءاته الثلاث في وجه ديميستورا للتوصل إلى حل سياسي لملف الصحراء
- أخنوش يمثل الملك محمد السادس في حفل تنصيب الرئيس السينغالي الجديد
- انتخاب حسن لحلو رئيسا لجمعية التنمية الرياضية بإقليم شيشاوة
- الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والأساليب المماثلة تنتظم تدريبا وطنيا لفائدة العشرات من النساء والحاجي تشيد بالتنظيم النوعي للدورة
- نجاح متميز لفعاليات الدوري الممتاز للكرة الحديدية بشيشاوة بحضور عامل الإقليم
- المناداة رسميا على الشيشاوي الناضي ضمن تركيبة المنتخب الوطني لأقل من 15 سنة لكرة القدم
- تحركات حثيثة للعثور على بديل للناصيري رئيسا لمجلس عمالة الدار البيضاء
- الركراكي : أسود الأطلس يطمحون للوصول للمربع الذهبي للكان
- المغرب ضمن أفضل الوجهات خلال 20248
- 2.6 مليون مصلّ ومُعتمر بالمسجد الحرام ليلة 27 رمضان8
- الوقاية من حوادث السير وتمليك ثقافة الاستعمال السليم للفضاء الطرقي محور ورشة تحسيسية احتضنتها ثانوية الإمام البخاري التأهيلية بشيشاوة8
- هل تحركت الأرض في تركيا 3 أمتار للغرب بعد الزلزال؟8
- فأر صغير يحظى بلقب كبير ويدخل غينيس!8
- الدكتور لكريني من مراكش: “الرياضة قوة ناعمة بمقدورها مواصلة تلطيف الأجواء الديبلوماسية بين الشعوب المغاربية رغم بعض التوظيفات المعزولة”8