*/

الرئيسية > أخبار المغرب

الجزيرة في بيت ابن كيران بعد سنة من إعفائه: لست نادما على شيء‎

  • الجمعة 16 مارس 2018 - 00:04

بابتسامة وحفاوة يستقبل الرئيس السابق للحكومة المغربية عبد الإله بنكيران ضيوفه في صالة بيته، يرتدي “كندورة” (لباس تقليدي مغربي) بنية اللون، فالزعيم -كما يصفه أبناء حزبه- خلع ربطة العنق منذ غادر منصبه قبل عام، وصار لا يُرى إلا مرتديا الجلباب المغربي.
في هذا البيت المتواضع -بالنظر إلى المستوى الاجتماعي والاعتباري لزعيم سياسي ورئيس حكومة سابق- استقبل بنكيران مستشاري الملك ورؤساء الأحزاب السياسية والوزراء والمواطنين الراغبين في قضاء حوائجهم وأعضاء حزبه والمتعاطفين معه، ولا زالت الاستقبالات متواصلة يوميا حتى غدا البيت محجا للجميع.
وبعد مرور سنة على إعفائه، لا زال عناصر الأمن يرابطون حول بيته، وهي العناصر التي خصصها الملك لرئيس حكومته، “هذا لطف من جلالته وأنا شخصيا أشعر بالامتنان”. يقول بنكيران للجزيرة نت وهو يتذكر كيف كان سيفقد حياته مع وجود حارسه الشخصي خلال تدافع في جنازة العالم المغربي محمد زحل أغسطس/آب الماضي.
يجلس بنكيران في الزاوية نفسها من الصالة كلما استقبل ضيوفا، عن يمينه صورته مع الملك محمد السادس لحظة تكليفه بتشكيل الحكومة، وصورته مع رفيق دربه عبد الله بها القيادي في حزب العدالة والتنمية ووزير الدولة الذي قضى نحبه في حادث قطار نهاية 2014.
خلال هذه السنة، تغييرات كثيرة طرأت على حياة رئيس الحكومة السابق، أهمها تمكنه من “النوم ساعات أطول”، يقول ضاحكا في حديثه للجزيرة نت، وبات يجد وقتا أكبر لممارسة بعض الأنشطة التي كانت تمنعه منها التزاماته الحكومية والحزبية، فهو اليوم يقرأ القرآن الكريم يوميا، ويخصص نحو ساعتين لقراءة الصحف والمواقع الإخبارية، ويستمتع بقراءة الكتب والروايات، وكان آخر ما قرأ رواية “المغاربة” للروائي عبد الكريم جويطي.
حضور المناسبات
يفضل بنكيران قضاء معظم وقته في البيت، فلا يخرج منه إلا إذا استدعت الحاجة ذلك؛ مثل حضور الجنائز، ويعتبر ذلك “تضامنا مع أهل الميت الذين تربطه بهم علاقة قرابة وصداقة”، وفق تعبيره. ويلقي غالبا كلمة في تلك اللحظة التي يصفها بأنها “لحظة قرب من الله، أعظ فيها نفسي وغيري، فأنا قبل أن أدخل غمار السياسة كنت واعظا ولا أزال وافتخر بأنني واعظ”.
ويبدو أن أسرة رئيس الحكومة السابق أصبحت أكثر ارتياحا منذ إعفائه؛ إذ يقضي وقتا أكبر مع زوجته وأولاده وأحفاده “نحن أسرة مترابطة وتجمعنا علاقة حميمية”، يقول بنكيران.
في مثل هذه الأيام من العام الماضي، تابع المغاربة قرارا ملكيا أنهى أشهرا من الجمود السياسي؛ ففي الثامنة من مساء يوم 15مارس/آذار، كان بنكيران رئيس الحكومة المعين في القصر الملكي بالبيضاء يجالس مستشاري الملك: فؤاد عالي الهمة، وعمر عزيمان، وعبد اللطيف المنوني، وعمر القباج، وأخبره عمر عزيمان بقرار إعفائه من تشكيل الحكومة، ونقل له تحيات الملك وثناءه عليه.
قبل هذا اللقاء، كان بنكيران وصل لقناعة مفادها “استحالة تشكيل الحكومة… إذ لم يعد من الممكن إطالة الأمر”، وهو في طريقه للقاء مستشاري الملك كان الرئيس يحمل في جيبه رسالة للملك.
هذه الرسالة التي لا زال يحتفظ بها إلى اليوم، كتبها جامع المعتصم القيادي في حزب العدالة والتنمية، وراجعها الرجلان عدة مرات قبل أن يوقعها بنكيران، كانت رسالة من سطرين يقول فيها إنه تعذر عليه تشكيل الحكومة ويُرجع الأمر للملك.
ترسخت هذه القناعة لدى بنكيران شهرا بعد تعيينه ولقائه عزيز أخنوش الرئيس الجديد للتجمع الوطني للأحرار، وعرضها على قيادات حزبه، مبديا رغبته في الاتصال بالملك لإنهاء الأمر، إلا أنهم فضلوا الاستمرار في المفاوضات.
تقديم الاستقالة
وفي فبراير/شباط من العام الماضي، استفسر الملك محمد السادس -الذي كان في جولة أفريقية- عن التطورات في اتصال هاتفي مع رئيس حكومته، كان جواب بنكيران أنه سيقدم للملك لدى عودته الحكومة أو الاستقالة، غير أن العاهل المغربي رفض بشكل قاطع الخيار الثاني؛ فليس من الأعراف والعادات تقديم الاستقالة للملوك.
هل اعتزل بنكيران السياسة؟ هل سيعود لقيادة حركة التوحيد والإصلاح الحليف الإستراتيجي لحزبه؟ أسئلة كثيرة يطرحها المغاربة، جوابها كما يقول عبد الإله بنكيران للجزيرة نت “أنا لم أعتزل أي شيء، تراودني بعض الأفكار لكنني لم أحسم قراري بعد” إلا أنه يبدو حاسما في إنهاء خلوته، وأضاف “لن أشتري كفني وأنتظر الموت، صحتي جيدة والعمر فرصة يمنحها الله للإنسان ليكون أنفع لنفسه وللناس”.
يسترجع بنكيران كل الأحداث التي عاشها، ويقول بارتياح “لست نادما لأنني لم أعد رئيسا للحكومة أو رئيسا للحزب، أعيش مرحلة سعيدة في حياتي وأنا راض عنها، وهذه سعادة لا يساويها شيء”, إلا أنه لا يخفي استغرابه من اتهامه بالتشويش على الحكومة بعد كلمته خلال المؤتمر الأخير لشبيبة حزبه، معتبرا أن هؤلاء يستعملون كلمات غير لائقة.
فهو كما يقول يفضّل الصمت ليعطي للتجربة فرص النجاح وحتى لا يتحمل مسؤولية إفشالها، ومع ذلك يستدرك بالقول “لا يمكن لأحد أن يمنعني من الكلام… إذا بدا لي أن الأمور التي ناضلت من أجلها طيلة حياتي يساء إليها دون أن يدافع عنها فلا بد أن أتكلم”.
بعد عام من الأحداث الصاخبة، يبدو بنكيران وهو في منتصف عقده السادس مرتاحا في حياته الجديدة، وبينما هو في خلوته لا يخفي كثير من الإعلاميين المغاربة أنهم يفتقدون زعيما سياسيا أضفى على السياسة نكهة خاصة بخطابه المختلف وأسلوبه الجديد في التواصل.

نقلا عن الجزيرة

اقرا أيضا

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...