*/

الرئيسية > أخبار المغرب

هل يعاد استنساخ “دولة القضاة” المصرية بالمغرب؟

  • السبت 24 فبراير 2018 - 17:55

المحجوب لال
استطاع القضاء المصري في مراحل مختلفة من التاريخ أن يقدم صورا ساطعة وإيجابية في إنفاذ القانون ورفض مجاراة السلطة التنفيذية في بعض أخطائها، وإن كانت كثير من هذه القرارات لا تجد طريقها للتنفيذ، إلا أنها كانت شاهدة على أن في الجسم القضائي أنوار أمل ما تزال متقدة، من قبيل قرارات بطلان عدد من الاتفاقيات الاقتصادية وإجبار الحكومة بحد أدنى للأجور وآخر هذه المشاهد الحكم بلا قانونية اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير للسعودية.
في مقابل ذلك، كان القضاء أيضا وسيلة لتصفية حسابات سياسية للحكومة أو الحزب الوطني مع المعارضين، وهي مقاربة لم تكن جديدة، إذ أنها ابتدأت مند بداية ثورة الضباط الأحرار ومحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها جمال عبد الناصر في الإسكندرية، مرورا بشواهد عدة من تاريخ المحن المتلاحقة التي تعرض لها الإخوان المسلمين منذ تلك المرحلة والتي ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا، والتي اتسعت رقعتها لتشمل كل من يعارض النظام بأفق ديموقراطي أو تحرري.
في مثل هذه الأجواء، ونظرا لعدم وضوح خط فاصل بين قرارات وتحركات النيابة العامة وبين تطورات المشهد السياسي، طالب الثوار إبان حراك 2011 بمصر بإسقاط النائب العام عبد المجيد محمود، غير أن هذا الطلب تم تركه لمدة بفعل السيولة السياسية في الأحداث التي شهدها الشارع المصري، إلى أن صدرت أولى الأحكام القضائية بحق المتهمين بقتل المتظاهرين، حيث قال الثوار حينها إن النيابة العامة تقدم أشخاصا للمحاكمة باتهامات معينة ثم تصدر لصالحهم أحكاما بالبراءة، معتبرين أن هذا يعني أن النيابة العامة إما عاجزة أو فاشلة أو متورطة أو غير جادة، وكلنا يتذكر شعارات المتظاهرين أمام دار القضاء العالي بالقاهرة وفي ميدان التحرير وهي تردد “نائب عام يا نائب عام بعت دم الشهيد بكام”.
واستجابة لهذه المطالب، أصدر الرئيس محمد مرسي قرارا بعزل النائب العام وتعيينه سفيرا بالفاتيكان، وهو القرار الذي رفضه النائب العام ورفضه نادي القضاة أيضا، وأشعل صفحة جديدة من المواجهات بين الشارع والجهاز التنفيذي من جهة، والقضاة من جهة ثانية.
قبل ثورة يناير تماهى النائب العام مع النظام ولو بالمخالفة للقانون فكان رأسه مطلوبا لدى الثوار، وبعد الثورة تماهى النائب العام مع بقايا ورموز النظام السابق فأطاح به الشارع والرئيس المنتخب، غير أن ما سمي بدولة القضاة، وقفت في وجه الشارع والدولة، وأصبحت جزءا من المشكل وليس الحل، ولا غرابة والأوضاع هاته، أن يقول رئيس نادي قضاة مصر أحمد الزند في مقابلة تلفزيونية في 2015 “نحن أسياد البلد وغيرنا عبيد” !!!
في المغرب، وبعد النقاش الكبير الذي افتتح مع بداية الحديث عن تحول سلطة الإشراف على النيابة العامة من وزارة العدل، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، يَطرح إشكالية جوهرية تتعلق بفكرة استقلالية النيابة العامة، عن من ولماذا؟، وفضلا أنّ المقارنة أو القياس بين النموذجين المصري والمغربي ليست محط نقاش الآن لاختلافات كثيرة لا تصح دون استحضار السياق التاريخي والسياسي، فإن فكرة “المحاسبة ومراقبة تحركات وقرارات النيابة العامة من طرف سلطة منتخبة أو شعبية هي جوهر النقاش كله”.
النيابة العامة بطبعها متحركة ومتفاعلة مع المجتمع، ولذا تُعرف بأنها “قضاء واقف”، والإشكال لا يُطرح في العادة حول مدى سرعة تحركها من عدمه، بل في القراءات التي يقدمها المجتمع نفسه لهذا التحرك، قراءة في وقته وخلفياته وآثاره المادية والمعنوية، من هنا، تصبح هذه التحركات وبحكم المنطق، في منطقة رمادية ما لم تخرج من الحجرات المغلقة إلى فضاءات المراقبة العامة أو الشعبية، بما يعنيه ذلك من معالجة لنقص أو تثمين لمكتسب، والتي بالطبع لن يكون لها أفضل من المؤسسة التشريعية.
من أخطر ما يواجه أي نظام سياسي كيفما كان نوعه، أن يُطرح سؤال الخلفية السياسية لتحركات وقرارات الجسم القضائي، وخصوصا النيابة العامة، بدل السؤال القانوني والحقوقي، وما يتجه إليه المغرب اليوم، وكما نبه إلى ذلك عدد من أعضاء مجلس النواب والباحثين في المجال القانوني والسياسي، فإن ما يقع لا يزيد سوى في تكريس الفجوة بين إرادة الشعب المتمثلة نسبيا في البرلمان وبين إرادة أخرى معاكسة.

اقرا أيضا

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...