*/

الرئيسية > دولية

تكنولوجيا الكوابل البحرية.. الغواصات الأميركية تخترق الاتصالات العالمية للحلفاء والخصوم

  • الأربعاء 2 يونيو 2021 - 19:36

فضيحة تجسس دولية جديدة للولايات المتحدة الأميركية تداولتها وكالات الأنباء أخيرا، إذ كشف تقرير لهيئة الإذاعة والتلفزيون الدانماركية عن أن واشنطن، بالتعاون مع المخابرات الدانماركية، تجسست على سياسيين أوروبيين بارزين من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وغيرها من كبار الشخصيات السياسية الأوروبية.

وقال التقرير إن وكالة الأمن القومي الأميركية (NSA) تنصتت عبر كوابل الإنترنت الدانماركية على قادة ومسؤولين رفيعي المستوى في ألمانيا والسويد والنرويج وفرنسا، وكانت الوكالة الأميركية تملك إمكانية الاطلاع على رسائل الجوال والمكالمات الهاتفية وسجلات الإنترنت لكبار المسؤولين في هذه الدول.

وتستضيف الدانمارك عددا من محطات الإنزال لكابلات الإنترنت البحرية من وإلى السويد والنرويج وألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة، وهي الكوابل التي استخدمت في التجسس واسع النطاق الذي كُشف عنه.

ولكن كيف تعمل هذه المحطات؟ وكيف تمكنت وكالة الأمن القومي الأميركية (NSA) من اختراق كوابل الإنترنت البحرية واستخدامها في أغراض التجسس على كبار المسؤولين الأوروبين؟ وهل استخدمت هذه الكوابل في السابق في العمليات الاستخباراتية الدولية؟

اتصالات العالم عبر الكوابل البحرية

تنقل الكوابل البحرية ما يقدر بـ99% من حركة الاتصالات والبيانات الدولية، ويوجد أكثر من نصف مليون ميل من هذه الكوابل التي تنتشر في قاع بحار ومحيطات العالم، وهي مصنوعة من الألياف الضوئية (fiber optic cable)، وتستطيع هذه الكوابل الضوئية نقل البيانات بسرعة فائقة تبلغ 640 غيغابايتا في الثانية، وهو ما يساوي نحو 7 ملايين ونصف المليون مكالمة هاتفية في وقت واحد، وتستخدم هذه الكوابل الألياف الضوئية، وهي مكونة من خيوط زجاجية أو بلاستيكية لنقل البيانات، ويتكون كل كابل من حزمة من هذه الخيوط القادرة على حمل الرسائل بصورة أشعة ضوئية.

تنقل الكوابل البحرية ما يقدر بـ99% من حركة الاتصالات والبيانات الدولية (غيتي)

وتتمتع كوابل الألياف الضوئية بعرض نطاق ترددي أعلى بكثير من الكوابل المعدنية فيمكنها ذلك من حمل مزيد من البيانات وتوفير معدل نقل أسرع بكثير، وهي أقل عرضة للضوضاء وتداخل الأصوات، وهي أيضا أرق وأخف وزنا قياسا بالكوابل المعدنية، وتستخدم كعمود أساسي للإنترنت والاتصالات بعيدة المدى. وهي أيضا المكان المثالي للتجسس على الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تجرى في شتى أنحاء العالم.

الجواسيس يحبون الكوابل البحرية

في ذروة الحرب الباردة كان الاتحاد السوفياتي ينقل الرسائل المشفرة بين قواعده البحرية من خلال كابل يقع تحت البحر في المياه الإقليمية السوفياتية، وكانت القواعد محملة بأجهزة استشعار خاصة لنقل البيانات، ولم تستطع الولايات المتحدة المجازفة بحرب عالمية ثالثة للوصول إلى الكابل بطريقة مباشرة، ولكنها جهزت غواصة بحرية صغيرة مهيأة خصيصا لهذا الغرض وقادرة على التسلل والانزلاق عبر الدفاعات البحرية الروسية.

وقد عثرت الغواصة بالفعل على الكابل وقامت بتركيب جهاز تنصت متطور عليه، وكانت تعود شهريا لجمع البيانات التي سجلها الجهاز، واستمرت هذه العملية مدة طويلة حتى اكتشف أمرها محلل سابق في وكالة الأمن القومي الأميركي يدعى رونالد بيلتون باع معلومات مهمة عن هذه العملية للسوفيات.

واليوم، يعد التنصت على كوابل الاتصالات البحرية إجراء روتينيًّا تفعله على نحو يومي وكالات التجسس عبر العالم بما فيها الاستخبارات الأميركية، الجهة الرائدة في هذا المجال.

ميزة أميركا.. أكبر جاسوس في العالم

إحدى الميزات الكبيرة التي تتمتع بها الولايات المتحدة هي الدور الرئيس الذي اضطلع به علماؤها ومهندسوها وشركاتها في اختراع وبناء أجزاء كبيرة من البنية التحتية للاتصالات العالمية ومنها الكوابل البحرية، وتميل خطوط البيانات الرئيسة إلى العبور إلى الحدود الأميركية ومياهها الإقليمية أو قواعدها العسكرية المنتشرة بكثرة عبر العالم، فيجعل ذلك التنصت على البيانات والمعلومات والمكالمات الهاتفية أمرا سهلا نسبيا.

إدوارد سنودن المحلل السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي سرب وثائق كشفت عن آليات التجسس الأميركي (الجزيرة)

وقد ظهر هذا جليا عبر الوثائق التي سربها إدوارد سنودن، المحلل السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي، إذ أثارت هذه الوثائق غضب عدد كبير من الدول بعد معرفتها مدى اختراق وكالات التجسس الأميركية بيانتها واتصالاتها. ونتيجة لذلك، فإن بعض البلدان أخذت تعيد النظر في البنية التحتية للإنترنت نفسها، وأطلقت البرازيل، على سبيل المثال، مشروعا لبناء كابل اتصالات بحري إلى البرتغال لا يتجاوز الولايات المتحدة تماما فحسب، بل يستبعد أيضا الشركات الأميركية على وجه التحديد من المشاركة في بنائه.

غواصات ومنصات تجسس تحت البحر

وقد كشفت تسريبات سنودن عن أن أهم العمليات الاستخبارية التي تجري تحت سطح البحر تنفذها غواصات خاصة تقوم بوضع أجهزة استشعار متطورة على هذه الكوابل قادرة على اعتراض تدفق البيانات والاتصالات التي تجرى عبرها.

وهناك منصات تعمل كقواعد استقبال تحت سطح البحر موضوعة خصيصا لاعتراض البيانات وإرسالها إلى مراكز الاستخبارات التي تقوم بتحليلها وتصنيفها والاستفادة منها في عملياتها المختلفة في شتى أصقاع العالم.

وقد استغلت وكالات التجسس العالمية كوابل الألياف الضوئية لاعتراض كميات ضخمة من البيانات، ومن ذلك المكالمات الهاتفية وصولا إلى محتوى رسائل البريد الإلكتروني، وسجلات تصفح الشبكة، فضلا عن البيانات المالية والعسكرية والحكومية التي تمر بدورها عبر الكابلات والتي غدت أهدافا سهلة لهذه الوكالات.

ويبدو أنه لم تعد هناك أسرار في عالم تصب كل بياناته في شبكة عنكبوتية ضخمة من “الشرايين” الضوئية تلف العالم الذي أمسى كشرنقة محاصرة.

اقرا أيضا

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...