*/

الرئيسية > أراء

من جبال شيشاوة يكتب الأمريكي الشيخ كفاح..”خواطر رحلة زيارة المغرب الحبيب”

  • الخميس 21 سبتمبر 2023 - 15:26

الشيخ مصطفى كفاح

تواصل معي الاخوة والأخوات ان كنت احب ان اذهب برحلة دعم لمنكوبي الزلزال في المغرب عن طريق الاغاثة الاسلامية فوافقت. والحقيقة أنني كنت أتمنى زيارة المغرب دوما، وشاءت الأقدار أن تكون الزيارة بنية خير ووقوف الى جانب أهلنا من تضرروا وتأذّوا بالزلزال، والحمد لله.
لأول مرة اركب طائرة TAP البرتغالية من شيكاغو الى لشبونة. مطار البرتغال بسيط وزحمة وإجراءات التنقل بين المباني معقدة، لا بد من ختم جواز ومرور بالحاجز التفتيشي! فلم انتبه لنفسي الا وانا خارج المطار.. (يعني فينا نقول زرنا لشبونة).
مدينة مراكش من الطائرة جميلة وساحرة، ومزارع الزيتون تبعث البهجة في النفس الحقيقة. المطار جميل نسبيا، ولم يكن زحام البتة على الجوازات والتفتيش، كان الدخول من أسلس ما يكون.
اما مدينة مراكش لما تجولنا بها، فهي تراث وتاريخ ومزيج من التدين والتمدن، اضافة الى مزارات دينية وتاريخية كثيرة.
ذهبنا ساحة يوسف تاشفين حيث كانت الجيوش تتجمع للفتوحات في الاندلس. ووقفنا أمام مسجد الكتبيّة، احد المعالم الدينية التاريخية هناك، حيث قيل أن التسمية نسبة الى سوق الكتب بجانبه، أو لكثرة العناية بالكتب والمخطوطات فيه.
في ساحة تاشفين، خليط من مطاعم ومعارض تحف وباعة متجولون ورقص وأناس من كل أنحاء المعمورة، سوّاح ومغارية، وعربات خيول جميلة ومزركشة تأخذك في نزهة في مدينة مراكش. وهناك الكثير من التنوع كأنك في سوق جمعة لبيع الأشياء عندنا في لبنان.

نزلنا في فندق لا بأس به، ولكن الرائع فيه الساحة المليئة بالنباتات المتنوعة، والتي تضفي حس السكينة على النفس، طيور البلابل تبدأ تغرد بعد الفجر، والترويقة بين الحديقة ممتعة ورائعة. أما طرقات مراكش فهي جيدة ونظيفة نسبيا، ولكن الملاحظ كثرة الدراجات النارية بشكل لم اره سابقا في اي بلد زرته. يركبها الكبار والصغار والرجال والنساء. من لقيناهم من الاخوة المغاربة عبارة عن كتلة من الترحاب وحسن الضيافة والكرم وعندهم جملة لطيفة يرددوها دوما (يرحم والديك).دعانا الاخوة المغاربة هناك الى الطبق التقليدي وهو الطاجن المغربي بالخوخ او ما يسمونه البرقوق. هو بالفعل شيء لذيذ، ولكن اكلت لأول مرة عندهم طبق الكسكسي بالشعير مع اللبن الرائب، من أفضل ما يؤكل الحقيقة. طبعا لا يمكن لمائدة ان تخلو من الشاي المغربي، وطريقتهم بصنعه وتقديره للضيوف فنّ بحد ذاته. هو مزيج من الشاي الأخضر، ونبتةِ العطرة، ثم يضعون الكثير من النعناع الأخضر، ويضيفوا السكر، ثم يسكبوا فنجانا، ويعاودوا صبّه أكثر من ٧ او ١٠ مرات، مع رفع الابريق للأعلى واظهار الرغوة اعلى الفناجين.
اما بالنسبة لزيارة المنكوبين، فقد فاجأهم الزلزال ليلا، وضرب مسافة تقدر ب ٣٥٠ ميل طولا و ٢٥٠ ميل عرضا. ضرب المنطقة الجبلية، جبال الاطلس، وقيل لي لو انه ضرب المدن الرئيسية كمراكش مثلا، لكانت الضحايا بعشرات الالاف.
المتضررون الأكثر كانوا سكان القرى، الذين هم اصلا معزولون ببعد المسافات عن المدن الرئيسية ويعيشون اعالي الجبال.
القرى التي زرناها نائية جدا، في اعالي جبال الاطلس وارتفاعات فوق ٢٠٠٠ متر، متناثرة بشكل عجيب، اهلها كفلاحي القرى عندنا في لبنان ولكن قبل ٥٠ سنة، بمعنى ما زالوا يعيشون حياة البساطة والفقر، عيشهم على قليل من الزراعة والرعي.
الوصول لهذه القرى في مسافات طويلة جدا، وكثيرة الالتفافات ذكرتني بجبال عكار، ولكن على ١٠ مرات زيادة.
مهما حاولت ان أركز معهم على لهجتهم المحلية، لا افهم الا القليل. القرى المهدمة شيء محزن، والوفيات كثيرة، ولكن حالة الصبر والاحتساب عجيبة. أينما نزلنا عندهم يصرون على استضافتنا بما لديهم من الشاي الأخضر، نفوس طيبة وترحاب عجيب.
الناجون منهم والذين فقدوا اهلا، الكثير من بيوتهم مصدعة ولا تصلح للعيش. البيوت مصنوعة من الطوب الفخاري، والسقف عبارة عن تراب احمر معجون بنوع من القش وما شابه. كان معي الشيخ علاء الدين البكري، والشيخ ياسر برجس، وكلاهما من بيت المقدس، سكان أمريكا، الدكتورة العراقية هيفاء يونس، اضافة الى طاقم الاغاثة الاستاذ الدكتور سي بلقاسم ناهي، والشيخ أحمد شحاته. قمنا بتوزيع شاحنات من الفرش، والأغطية، وكراتين الطعام، وأكياس التنظيف للبيوت، والعناية للنظافة بالجسد، وما شابه.
ما زالوا بحاجة لكثير من الدعم.. اعادة الاعمار هو التحدي الاكبر، لإعادة بناء البيوت وترميمها. في خلال ٣ ايام، تعرفت على هذا البلد الطيب، وأسأل الله تعالى ان يرحم شهداءهم، ويشفي مرضاهم، ويعيد المشردين الى بيوتهم وقد أعيد إعمارها من جديد، ان شاء الله. النية العودة مرة اخرى ولكن زيارة مع الاهل باذن الله، وانصح الجميع بذلك.

اقرا أيضا

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...