حسن أوريد يكتب عن “ثورة العطش” بزاكورة
بعد «ثورة الجياع»، هذه المصطلح الذي برز في الشرق، ينحت المغاربة مصطلح «ثورة العطش» للتدليل على الاحتجاجات التي تعرفها بعض مناطق المغرب من أجل ماء الشرب، وتصدرت اهتمام الرأي العام، وهواجس المسؤولين ومانشتات الصحف والمواقع الإلكترونية.
ومن سخرية الأقدار أن تكون تلك الاحتجاجات قد بدأت في منطقة يدل اسمها على توافر الماء فيها، هي أغبالا في الأطلس المتوسط، وكلمة أغبالا من الكلمات التي تدل على العين أو النبع بالأمازيغية، ثم انتقلت الاحتجاجات إلى منطقة صحراوية مُسالمٌ أهلُها هي زاكورة، وأضحى بعض من بنيها متابعا بتهمة التمرد والعصيان المدني والتجمهر من دون ترخيص، وإتلاف ممتلكات عمومية وإهانة موظف عمومي، وما شابه ذلك من المتابعات، كما لو أن المحتجين اعترتهم نزوة كي يغضبوا، وكما لو أنهم لا يكتوون بواقع يشح فيه الماء، ويتدنى صبيبه، أو ينقطع، وخيار الماء الأجاج الذي تغلب عليه الملوحة ولا يصلح لشيء.
والواقع أن «ثورة العطش» هذه، تحيل إلى مشكل بنيوي، غير عارض، لن يتوقف ما لم تحدث ثورة الماء، وهو ما يستلزم رؤية استراتيجية غير ما هو قائم حاليا. فلو أخذنا الحالتين الموما إليهما أغبالا وزاكورة، لألفينا أن للاحتجاج أسبابا موضوعية، ذلك أن هناك ضخا مفرطا في أغبالا وتصريفا لقنوات الري لفائدة الضيعات الكبرى، التي توجد في السفح لفائدة الفلاحين الكبار، وهو الأمر الذي أدى إلى نضوب العيون أو البحيرات، كما في منطقة إيموزار (الشلالات). وكذلك الشأن بالنسبة لزاكورة، إذ أقدم بعض المستثمرين الجشعين على زراعة البطيخ الأحمر، حيث ينضج بسرعة بالنظر إلى الجو الدافئ بزاكورة، مع ما يستتبع ذلك من ضخ صناعي يستنزف الفرشة المائية.
وما يقع في كثير من الواحات هو جريمة بيئية، لأنه يرهن الاحتياط الاستراتيجي غير المتجدد. ويحدث إسراف في الاستغلال كما في تازكارت (نبت السدر) قرب بوذنيب، حيث حوّل مستثمر كبير رخصة غرس النخيل إلى الزيتون الذي هو أكثر استهلاكا للماء، من خلال تواطؤ الإدارة أو غض الطرف، رغم التحذيرات التي قام به مسؤول سابق، أو كما في تاورتا (الجُنينية) قرب الداخلة، حيث يتم إنتاج نوع من الطماطم الصغيرة، وهي مستهلكة للماء، في منطقة صحراوية لا يتجدد احتياطها.
لقد احتضن المغرب مؤتمرا بيئيا عالميا في مراكش السنة الماضية، ولا يمكن لهذا المؤتمر أن يُختزل في لحظة احتفائية، أو في بعض الإجراءات البسيطة، مثل عدم استعمال البلاستيك. لا بد من تفكير استراتيجي في ما يخص الماء ينصرف إلى قضايا جوهرية، أولها ما يسمى في المغرب بإعداد التراب، وهي ترجمة غير موفقة من الفرنسية للتدليل على تهيئة المجال. ذلك أن الاتجاه الغالب هو تحول الساكنة نحو المناطق الشاطئية، بيد أن مدنا داخلية تعرف طفرة ديمغرافية، وكثافة زاحفة، كما مراكش أو فاس أو وجدة، مع عامل الهجرة، وما يستتبع ذلك من استهلاك مفرط للمياه، ولا يمكن لتلك المدن أن تظل في المد التصاعدي ذاته من دون سياسية جديدة لتهيئة المجال، أو تدبير موارد المياه، والتمييز ما بين الاستعمال الجاري، وماء الشرب، أو إعادة تصفية المياه العادمة من أجل السقي. المدن الداخلية الكبرى أو المتوسطة لن تستطيع أن تستجيب في العشريات المقبلة للطلب المتزايد.
والجانب الثاني هو توجيه الزراعة ليس حسب متطلبات السوق العالمية، أو وفق التدبير الرشيد للماء، ولكن لرؤية استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار حقوق الأجيال المقبلة. هذا الوعي ليس منعدما، ولكنه ينكسر أمام تعثر الإجراءات الإدارية وبيروقراطيتها وعجزها، وأحيانا تواطئها. لقد أدى الإنتاج المفرط لبعض الخضار والفواكه في منطقة سوس إلى استنزاف الفرشة المائية، ما ينذر بكارثة بيئية. فهل يستطيع المغرب أن يستمر في زراعة منتجات تستهلك الماء بشكل مسرف؟ وهل يمكن للإدارة أن تتغاضى عن صناعات ملوثة تصب في مجاري المياه، كما في مدينة تاوجطات، حيث سبب تدفق نفايات المعامل إلى تلويث أهم مجري مائي بالمغرب وهو سبو الذي يسقي أهم السهول المغربية وهو سهل الغرب.
والجانب الثالث، هو حسن تصريف الماء، سواء ما يخص الفلاحة أو الاستهلاك الداخلي، أي في البيوتات والمدن والواحات. ورغم أن المغرب من البلدان التي أولت سياسة بناء السدود أولوية، فليس هناك ما يسمى ما بعد السد، خاصة في الواحات، كما في واحة درعة أو تافيلالت، حيث يضيع صبيب الماء، من خلال التسربات التي تحدث، خاصة بعد تقطع الصبيب لشهور، بل لسنوات.
ومعروف كذلك أن للسدود فترة زمنية محدودة للاستعمال، فهي تتعرض للتوحل، وتنقص جراء ذلك طاقتها الاحتياطية.
والمهم في نظري، أن يصرف المغرب الاهتمام لسياسة تحلية المياه، وأن تستعمل في ذلك وسائل الطاقة المتجددة، ومنها الطاقة النووية، فهو خيار لا مندوحة عنه.
يُكرَّر القول بأن الحروب المقبلة سيكون سببها الماء، والواقع أن بلدانا في العالم العربي هي تحت رحمة بلدان أخرى تتحكم في منابع الماء، ومن ثمة في مصادر عيشها، وهي مصر والسودان والعراق وسوريا. وما لا يقال هو أن جزءا كبيرا من التوترات الداخلية سيكون مصدرها الماء، فبالإضافة إلى شح المصادر المائية، وسوء تدبيرها، ونزقها، هناك مفارقة في المغرب وهي أن الأهالي حيث توجد مصادر المياه ليست تلك التي تستفيد منها، ومنها كذلك هيمنة المردودية والربح على النظرة الاستراتيجية.
كل هذا يفترض دورا استراتيجيا للدولة وآليات لتفعيلها، وهو ما ينقص، بدليل الاحتجاجات القائمة هنا وهناك بسبب الماء، وهي إرهاص لاحتجاجات مقبلة. ولا أدري أيصح القول في هذه النازلة، «أول الغيث القطر ثم ينهمر»، والمؤكد أننا في المغرب وفي بلدان العالم العربي، مقبلون على ثورات للعطش، مما يستلزم التفكير الاستراتيجي عوض سياسة إطفاء الحرائق.
اقرا أيضا
من رحاب اللغة الشعرية إلى أعماق القصة: تجربة ثقافية فريدة في لقاء مميز بثانوية الإمام البخاري التأهيلية بشيشاوة
لحلو النائب الأول لرئيس جماعة سيدي المختار: “نسعى لإيجاد حلول جذرية للاكراهات بحي الإنارة ومؤسسة عامل الاقليم شريك محوري لتحقيق العدالة الاجتماعية”
عاجل.. تسجيل وفاة تلميذ بسبب الحصبة “بوحمرون” باروهالن
الكراب عامل شيشاوة يفعل آلية الإنصات الترابي لمتضرري الزلزال ويقنعهم بالانخراط الفعال في عملية إعادة الإعمار
الكراب عامل إقليم شيشاوة ورجال سلطة يتفقدون سير أوراش إعادة الإعمار في المناطق الجبلية ويعقدون لقاءات ميدانية مع الساكنة
استقلاليو شيشاوة يشاركون بالمؤتمر العام لتجديد الثقة في نزار البركة أمينًا عاما للاستقلال
عامل إقليم شيشاوة يؤشر على 128 تصميم من تصاميم تحديد مدارات الدواوير التابعة لستة جماعات قروية بإقليم شيشاوة
إدارة وعمال شركة اسمنت المغرب بالمزوضية وطاقم “شيشاوة الآن” يعزون الإطار جفغالي في وفاة عمه
تعزية.. الأساتذة والإداريون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بآسفي يعزون في وفاة زوجة الدكتور حسن المودن
- أخبار المغرب
- رياضة
- منوعة
- محكمة جرائم الأموال بمراكش تبرئ أحمد تويزي من تهمتي “تبديد أموال عمومية والمشاركة في ذلك”
- فوزي لقجع يكشف سبب إقالة حاليلوزيتش واختيار الركراكي لقيادة منتخب المغرب
- المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي لكلية الطب والصيدلة لمراكش يندد بالاوضاع التي تعيشها مصلحة الانكولوجيا بالمستشفى الجامعي
- قمة التعاون الإسلامي: الملك محمد السادس يطالب بـ”وقف العدوان الإسرائيلي” على غزة داعيا إلى “وضع حد للكارثة”
- الملك يحث على مساعدة الدول الأٌقل نموا في إفريقيا مؤكدا على “الصبغة التضامنية” لمشاريع بلاده في القارة
- الملك يهنئ بركة بعد إعادة انتخابه أمينا عاما لحزب الاستقلال
- فوزي لقجع يكشف سبب إقالة حاليلوزيتش واختيار الركراكي لقيادة منتخب المغرب
- انتخاب حسن لحلو رئيسا لجمعية التنمية الرياضية بإقليم شيشاوة
- الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والأساليب المماثلة تنتظم تدريبا وطنيا لفائدة العشرات من النساء والحاجي تشيد بالتنظيم النوعي للدورة
- نجاح متميز لفعاليات الدوري الممتاز للكرة الحديدية بشيشاوة بحضور عامل الإقليم
- المناداة رسميا على الشيشاوي الناضي ضمن تركيبة المنتخب الوطني لأقل من 15 سنة لكرة القدم
- تحركات حثيثة للعثور على بديل للناصيري رئيسا لمجلس عمالة الدار البيضاء
- المغرب ضمن أفضل الوجهات خلال 20248
- 2.6 مليون مصلّ ومُعتمر بالمسجد الحرام ليلة 27 رمضان8
- الوقاية من حوادث السير وتمليك ثقافة الاستعمال السليم للفضاء الطرقي محور ورشة تحسيسية احتضنتها ثانوية الإمام البخاري التأهيلية بشيشاوة8
- هل تحركت الأرض في تركيا 3 أمتار للغرب بعد الزلزال؟8
- فأر صغير يحظى بلقب كبير ويدخل غينيس!8
- الدكتور لكريني من مراكش: “الرياضة قوة ناعمة بمقدورها مواصلة تلطيف الأجواء الديبلوماسية بين الشعوب المغاربية رغم بعض التوظيفات المعزولة”8